مدينة بدر‏..‏ موقعها وأسرارها وعبيرها

نلقي الضوء علي موقع هام وقف فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو مدينة بدر الخالدة‏,‏ وما ادراك مامدينة بدر‏,‏ واين وقعت غزوة بدر‏.‏

فهنا وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم‏,‏ وهنا قاتل‏ وهنا صف الصفوف‏,‏ وهذه هي الآثار خالدة الي يومنا هذا‏.‏ ومدينة بدر تقع علي خط الاسفلت القديم الذي يربط بين المدينة المنورة ومكة المكرمة‏,‏ وتبعد عن المدينة المنورة بحوالي‏150‏ كيلومتر‏,‏ وتقع جنوب غربي المدينة المنورة وتبعد عن مكة مسافة‏340‏ كيلومتر تقريبا شمال مكة المكرمة‏.‏
ومن يدخل الي مدينة بدر اليوم يلاحظ انها مدينة هادئة تقع في سهل بدر‏,‏ ويمر بها طريق المدينة المنورة الجديد‏,‏ وكان القديم يمر بها ايضا‏,‏ وهي منطقة مهمة اليوم للمسافرين الي شمال المملكة والي مدينة ينبع وغيرها‏,‏ واذا وقف الانسان في وسط مدينة بدر يري مسجد العريش‏,‏ وهو مسجد جميل بني في المكان نفسه الذي كان به عريش المصطفي صلي الله عليه وسلم‏,‏ ويمكن ان يري الانسان العدوة الدنيا ويقربها الكثيب الحنان المرتفع في جنوب مدينة بدر‏,‏ والمسافة بين مسجد العريش وكثيب الحنان في العدوة الدنيا تبلغ‏(4)‏ كيلومتر‏,‏ والمسافة بين مسجد العريش وكثيب العقنقل في العدوة القصوي بجوار جبل كراش تبلغ‏(6)‏ كيلومتر‏,‏ يشاهد العدوة القصوي وأمامها كثيب العقنقل الذي عسكرت عنده قريش وهو في الجنوب الغربي من بدر‏1.‏
وانا اشعر بسعادة غامرة كلما ذهبت الي المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي الشريف‏,‏ والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم‏,‏ فأمر بمدينة بدر الخالدة حيث جرت تلك المعركة العظيمة‏,‏ والتقي بصفوة من اهالي بدر الكرام من الأشراف والسادة وقبائل صبح والظواهر وبعض الأفخاذ من قبائل الحوازم والمحاميد والاحامدة والرحلة والكحلة وعوف وبني محمد وجهينة‏,‏ واتجول بين جنبات بدر خاصة مسجد العريش الذي وقف عنده رسول الله صلي الله عليه وسلم‏,‏ وقبور الشهداء حيث نسلم علي شهداء المعركة من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم‏,‏ والتقي في هذه المناسبات بصفوة من العلماء والمحبين الذين يزورون هذه المدينة‏,‏ ويفرحون بزيارتها والاطلاع عليها وعلي آثارها‏,‏ ويتذكرون ما جري علي هذه الأرض من نصر لرسول الله صلي الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة الكرام‏,‏ حيث نصرهم الله وأيدهم وبقي هذا المعلم الخالد نتذكره ونحاول ان نذكر اولادنا بآثار النبي صلي الله عليه وسلم وصحابته في بدر وعرف بالعدوة الدنيا في القرآن
هنا وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم
هنا عسكر الجيش علي قلته في هذا المكان المبارك من هذه المدينة الخالدة‏..‏
هنا وقف رسول الله علي العريش‏..‏
وهنا صف الصفوف‏..‏
وهنا بئر الحباب بتاريخه العريق‏..‏
وهنا ساحة المعركة‏..‏
وهنا قبور شهداء بدر الذين دفنهم صلي الله عليه وسلم بيديه الشريفتين‏..‏
وهنا كثيب الحنان وهو العدوة الدنيا وهناك العقنقل مكان معسكر مشركي مكة وهو العدوة القصوي كما سماها القرآن الكريم‏..:{‏ إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوي والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم‏}2‏
وهنا الملص الذي هرب منه أبو سفيان إلي الساحل ونجا بالقافلة‏..‏
وهنا القليب الذي القيت فيه جثث القتلي من المشركين وناداهم رسول الله صلي الله عليه وسلم‏:‏ ياأبا جهل بن هشام‏,‏ ياعتبة بن ربيعة‏,‏ ياشيبة بن ربيعة‏,‏ ويا فلان بن فلان‏:‏ هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا‏.‏ فقال لهعمر‏:‏يا رسول الله‏,‏ ما تكلم من أقوام قد جيفوا ؟ فقال‏:‏ والذي نفسي بيده‏,‏ ما أنتم بأسمع لما أقول منهم‏,‏ ولكن لا يجيبون‏.‏
فكل هذه المعالم والآثار باقية كلوحات عظيمة تشهد علي نصر الله عز وجل لرسوله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في هذه المدينة ذات التاريخ العريق التي جرت علي أرضها أول غزوة قاتل فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد هجرته إلي المدينة المنورة‏,‏ وهي الحدث الرابع من الأحداث العظمي التي وقعت علي التوالي منذ نزول القرآن علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في غار حراء فقد كان هذا الحدث العظيم هو الأول ثم كانت حادثة الإسراء والمعراج‏,‏ تلك المعجزة العظيمة والتي نزلت فيها سورة كاملة هي سورة النجم‏,‏ وأفتتحت بها سورة الإسراء‏,‏ وتحدث عنها القرآن في أكثر من مناسبة ثم حادثة الهجرة بعد أن عاني ما عاني عليه الصلاة والسلام وصبر وتحمل أذي قريش وصلفها وأذيتها‏.‏
وجاء الإذن بالهجرة إلي المدينة المنورة‏..‏ ثم جاءت هذه الغزوة الكبري والتي كانت علامة بارزة وحدثا عظيما زلزل كيان قريش التي استهانت بالأمر وتغطرست وتكبر زعماؤها‏..‏ وشاء الله عز وجل أن ينصر عبده ورسوله ويؤيده فمزقهم وهزمهم وردهم علي أدبارهم خاسرين اذلة صاغرين‏..‏
ومن هنا نري أن من الواجب علينا أن نهتم بهذه الآثار الخالدة في مدينة بدر ونتيح المجال أمام الحجاج والزوار للمرور بهذه المدينة والوقوف عندها ورؤية آثارها وتذكر ذلك اليوم العظيم يوم غزوة بدر بقيادة الرسول صلي الله عليه وسلم ونصر الله تعالي للمسلمين وتأييده لهم بملائكه من السماء وتثبيتهم وعونهم‏.‏
وهو يوم نتذكر فيه ثبات تلك الفئة المؤمنة المجاهدة مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن اللحظات الخالدة يوم ان ثبت ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا‏,‏ معظمهم بلا سلاح يصلح لمعركة وليس معهم غير فرس واحد ولا يلبس الدروع منهم غير سبعين‏,‏ وفي مواجهتهم زهاء الألف من المشركين المجهزين بالسلاح الكامل ومع الفارق الشاسع بين الفئتين‏,‏ ثم تحقق النصر للفئة القليلة علي الفئة الكثيرة بإذن الله‏..‏ وكان بذلك يوم بدر يوم الفوز والنصر المبين‏.‏
وقد كان الكفر قبل يوم بدر مزهوا والباطل مستعليا عاديا‏,‏ والناس يرقبون الموقف في حيرة‏,‏ ويظنون بمقاييسهم أن الغلبة لا محالة لأعداء الله‏,‏ وقد أرجف بذلك اليهود‏,‏ فكانوا يتوقعون هزيمة المسلمين والقضاء عليهم‏,‏ حتي جاء يوم بدر فأبلج الحجة‏,‏ وقضي علي الأوهام والظنون‏,‏ وتحقق نصر الله لعباده المؤمنين‏,‏ فأصبحت معركة فاصلة سماها الله في وحيه يوم الفرقان فرق فيها بين الحق والباطل في يوم بدر‏.‏ وتمضي السنون والقرون‏,‏ فما تمر بالمسلمين شدة إلا وذكروا يوم بدر‏.‏ ولا حققوا نصرا إلا وتمثلوا بيوم بدر ولا أرادوا صمودا الا وتنادوا بأمجاد بدر‏.‏
هذه هي اذا بدر الموقعة‏,‏ وبدر القرية ثم المدينة‏,‏ وانا اشعر نحو هذه المدينة بحب كبير وافرح كلما زرتها وتجولت بين مواقع البطولات فيها وقد شاء الله ان تظل هذه المدينة بكرا تري فيها الآثار والمواقع كما كانت يوم بدر هنا وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم هنا خطط‏,‏ هنا جاهد‏,‏ هنا رفع يده الشريفة يدعو الله ويسأله النصر‏..‏ هنا العريش‏..‏ وهنا العدوة الدنيا‏,‏ وهنا العدوة القصوي هنا نزلت الملائكة‏..‏ هنا قبور الشهداء‏..‏ وهناك مصارع المشركين‏.‏
ومن فضل الله ان سكان هذه المدينة حافظوا عليها وقاموا علي رعاية آثارها وهم من الناس المحترمين الذين يفرح الانسان بلقائهم والحديث معهم وفيهم من العلماء والمؤرخين من يأنس الإنسان الي الحديث معهم واشهد انهم ممن يحافظ علي العقيدة الصافية وتعاليم الاسلام‏..‏ ويتبعون السنة النبوية الشريفة‏,‏ ويكرمون من نزل بهم من الضيوف‏.‏
فما أجمل أن يمر الحجاج والزوار فيها‏,‏ وما اجمل ان يشد اولادنا في رحلاتهم المدرسية الرحال الي مثل هذه المدينة الخالدة ويطلعون علي آثار أول غزوة في التاريخ الإسلامي والتي جاءت بنصر عزيز من الله عز وجل وكانت إايذانا بانطلاق الدعوة الإسلامية وتثبيت عراها‏,‏ وان تكون الزيارة للسلام علي شهداء بدر بالصورة الشرعية ثم التجول في أنحاء هذه المدينة الخالدة ورؤية آثارها وهي معلم مهم من معالمنا السياحة التي تجمع بين المتعة للسائح وتعميق الإيمان في قلب من يزورها ليزداد معرفة وحبا لهذا النبي الكريم والرسول العظيم الذي نصره الله وأيده وهزم اعداءه علي قلة من كان معه من رجال وقفوا بايمانهم الذي زلزل جحافل مشركي قريش‏..‏
هذه مدينة بدر الخالدة ومعالمها‏,‏ وكم اتمني ان نوفق في الكشف عن آثارها وتقديمها للحجاج والمعتمرين ثم اعدادها في صورة تصل الي مناهج اولادنا حتي يتعلموا عن هذه الغزوة الكبري وهذه المدينة التي تعتبر من اغني مدننا آثارا ومن اهمها في سيرة التاريخ الاسلامي‏,‏ لأنها قد جرت فيها وعلي ارضها ثالث الأحداث المهمة بعد نزول القرآن والهجرة النبوية الشريفة‏,‏ فكانت غزوة بدر هي ثالث هذه الأحداث المهمة‏,‏ ومن يقف عندها يشعر فعلا بعظم هذه المدينة وعظيم اثرها‏,‏ وكيف انها زاخرة بكل تلك الآثار التي تدلنا معالمها علي غزوة قادها رسول الله صلي الله عليه وسلم وصحابته وكتب لهم الله فيها النصر المبين وماتزال كل آثارها باقية والحمد لله